من هو كريغ مخيبر ويكيبيديا؛ عندما نقلت وكالات الأنباء بمختلف اللغات نبأ استقالة موظف في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، غضباً مما اعتبره مجازر في قطاع غزة، وحرب عدوان فريدة من نوعها تقودها أمريكا وتحملها التي نفذتها الدولة الفاشية العدو، أصبح الخبر الأول رغم المجزرة الكبرى التي نفذها الجيش العنصري في مخيم جباليا.
أصبح خبر استقالة الموظف الأممي كريغ ميشيل مخيبر، وهو لبناني الأصل والدم، قيمة سياسية تتجاوز بكثير كل ما رافق الأخيار الموازيين، بما في ذلك الترتيبات الأميركية لما تسميه بعد حرب غزة، لإقامة دولة مستقلة. نظام أمني سياسي تابع، يعيد إلى الأذهان صناعة “بيتين” وحكومته فيشي، بحيث يصبح التناظر ليس لارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية واقتلاع شعب، بل لزراعة منتج سياسي لتكون مخلبه في فلسطين هيئة وطنية.
كريج مخيبر أحد كبار موظفي الأمم المتحدة، ويتمتع بامتيازات خاصة كثيرة، ومن الممكن أن يكون مرشحا لوظائف أكثر أهمية، إذا واصل مسيرته المهنية، التي خدم في إحدى مراحلها في قطاع غزة بعد إنشاء أول كيان فلسطيني في عام 2016. التاريخ على أرض فلسطين، ضمن مكتب المبعوث الأممي لعملية السلام. كان مسؤولاً عن الشؤون القانونية، وكأن الروح الغزية تسكنه وتتحول إلى نبات لا يفارقه. قراره الفريد كان من منطلق حبه للقطاع ورفض العدوان.
انتفاضة كريج الإنسانية، وهو أول من استقال من منصبه الرفيع لصالح الحقيقة السياسية، ورفض الجريمة والاستسلام التام أمام طغيان الإمبريالية الأمريكية والغزو الصهيوني للمؤسسات التي لم تنصر الحقيقة إلا ببعض كلمات المرارة. التي تتجاوز أحياناً مجازر الواقع القائم.
ولعل «انتفاضة كريغ الإنسانية» تشكل نموذجاً جديداً في التعامل مع خرق القانون وتطويعه لخدمة الأقوى وليس الأشد استحقاقاً، وهي بداية جديدة في عالم المؤسسات التي تؤمن بحجم الامتيازات التي تمنحها للعاملين لديها قادر على «حجب عيون» العمال تنفيذاً لرغبة الحاكم «السيد». الأمريكية، باعتبارها أكبر ممول.
ستفتح “انتفاضة كريج” الإنسانية الطريق لتأسيس مظهر جديد من مظاهر الرفض والاحتجاج على البعد الاستعماري والهيمنة الأحادية لفرض نهج معادي للشعوب، مما يعيد بريق ما كان يوما مظاهر فردية ضد الاستغلال الطبقي والاستعماري، ونماذج الذين كانوا في جميع القارات والذين خلقوا بسلوكهم الفردي نماذج خاصة مسجلة في صفحات التاريخ. وساهمت في إطلاق حركات ثورية ضد الاستغلال الطبقي وضد الاستعمار المشترك.
قيمة «انتفاضة كريج» تتجاوز حدثها الفردي، الذي فرضها حضورًا مهيمنًا على الساحة الإعلامية، لتصبح «النموذج المطلوب» في مواجهة الغزو الإمبريالي على فلسطين ورأس حربته قطاع غزة. فهو يضع المؤسسات المختلفة أمام واقع جديد، بل ومفاجآت غير متوقعة، ليس داخلها بل حولها، وأن تبدأ حركة غضب شاملة.
قد تمثل “انتفاضة كريغ” الإنسانية مظهرا محرجا للواقع السياسي في المنطقة العربية، رسميا وشعبيا، من حيث أنه لم يطالب بالتحرك ولم يصرخ بالعمل، بل اختار العمل المباشر وكان قرارا ثوريا وهو ما سوف يربك إلى حد كبير أولئك الذين يعتقدون أن “الهدوء السياسي” هو القاعدة العامة.
تزامنت “انتفاضة كريج” مع غضب دول غير عربية، من أمريكا اللاتينية، أعلنت بعضها خطوات عمل مباشرة لسحب سفرائها من الدولة المعادية مع طرد سفراء الفاشية اليهودية، وتنامي حركة الغضب داخل تلك القارة، التي ولدت المتمردين ضد النظام الإمبريالي والقمع الطبقي والديكتاتورية. ولم يخلدوا في تاريخ البشرية، بل أصبحوا نموذجا لكل ما هو ثوري وتحويلي، ورمزا للنضال والتغيير.
ربما لن تنتشر “انتفاضة كريج” الإنسانية وغضب بعض دول أمريكا اللاتينية بسرعة إلى الجسم العربي وغيره، لكنها بالتأكيد لن تكون عاصفة في فنجان… بل قاطرة على طريق قد مضى. لا خيار سوى النصر.
ملحوظة: دول أمريكا اللاتينية تتسابق لسحب سفرائها من دولة الكيان الفاشية… بينما بعض دولنا العربية تتسابق للتعبير عن “حزنها” واستجداء الأمريكيين لتقليل عدد المجازر في غزة… صدقوا ، العروبة ليست لساناً، بل أصبحت شعوراً، وأنتم فاقدون لها تماماً. .
ملاحظة خاصة: أرادت أن تقلب مظاهر الغضب في الضفة الغربية ضد العدو الفاشي من جهة وضد من يقف متفرجاً على مرتكب الجرائم… وأرادت وضع “القوائم السوداء” بأسماء من ارتكبوا هذه الجرائم. مهملين مهما كانت صفاتهم… حاصروهم في منازلهم حتى أعلنوا براءتهم من الصمت على مرور إبادة قطاع غزة.
