الرئيسية / اخبار / خطبة عن خطر الشائعات

خطبة عن خطر الشائعات

خطبة عن خطر الشائعات؛ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وأما ما يلي:

عباد الله، من الخصال الطيبة التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، والتي يحبها الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وسلم، صفة الحلم وسمة الصبر، والحلم هو العقل. والحلم: أي الحزم في الأمور وترك العجلة. جاء في صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجع. وقال أشج عبد قيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والصبر». والسبب في ذلك أنه عندما قدم وفد عبد قيس المدينة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم نزلوا من جمالهم وأسرعوا لتقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم سلام. وأما الأشج بن عبد قيس فقد استدل. ثم لبس أحسن ثيابه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم).

فالعاقل هو الثابت في أمره وفي ما يبلغه للناس. وأما نقل الحديث للناس ونشره بينهم من غير تثبت فإنه يدل على سفه العقل وضعف الدين. وجاء في سنن أبي داود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه – والحديث صحيح – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم: “إن جبل السوء جبل الرجل كما يزعمون”.

(بئس) كلمة يراد بها الذم. ويذم النبي صلى الله عليه وسلم من يتكلم من غير تأكيد ليصل إلى مراده، فيجعل هذا الكلام وسيلة لبلوغ مراده. وإذا أراد أن يتكلم لم يكن عنده إثبات لما يقول، ولهذا يقول (زعموا) أي الناس. وهكذا يأتيك بعض الناس بكلام فيقول: الناس يقولون، وإذا تابعت الكلام وجدت أنه ليس صحيحاً، بل كذب.

ومن نقل الكلام وأشاعه بين الناس دون أن يثبت صحته فهو أحد الكاذبين. وقال صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) لأنه حتماً سينقل الأخبار الكاذبة ويكذب.

عباد الله، لقد أمرنا الله عز وجل في كتابه أن نتحقق من الأخبار التي تصلنا، ومعنى التحقق هو التحقق من صحته، خاصة إذا كان هذا الخبر من شخص معروف أنه لا يصدق أو يكذب في كلامه. الحديث. قال الله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)) أي: تحققوا من خبره، فقد ذكر الله تعالى بعض المفاسد التي تترتب على قبول خبر الفاسق دون التأكد منه ( أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (الحجرات:6)

عباد الله، لقد كثرت في هذا الزمان الإشاعة، وصار الكذب عند الرجال، وبلغ الآفاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ساعد على انتشار ذلك وسائل الاتصال كالهواتف المحمولة، وكذلك وسائل الإعلام كالمواقع والقنوات والصحف. وما يشاع قد يكون اعتداءً على أصحاب السلطة، أو قد يكون على العلماء، أو قد يكون متعلقًا بالمال أو أعراض المسلمين، وقد يترتب على نشره مفسدة كبيرة.

عباد الله، لقد أساءت الإشاعة إلى أشرف الشرف. وهو شرف النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة في قصة حادثة إفك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في بعض غزواته مع عائشة رضي الله عنها، وكان إذا أراد أن يذهب “يلقي بين نسائه قرعة” أي يقرع عليهن. ثم ضاعت قلادة عائشة رضي الله عنها، فتأخرت في البحث عنها، فخرج الجيش وظنوا أنها في هودجها فلم يفقدوها. فأتت إلى مكانهم وجلست فيه، لأنهم إذا فقدوها عادوا إلى المكان الذي وقفوا فيه. صفوان بن معطل السلمي، وكان من خيرة الصحابة رضي الله عنهم، نام في مؤخرة الجيش، فلما قام من نومه أراد الالتحاق بالجيش، فرأى عائشة رضي الله عنها. وكان قد رآها قبل أن ينزل الحجاب فعرفها فرجع أي قال إن إلى الله وإنا إليه راجعون فغطت وجهها أي غطته قائلة “والله ما تكلم معي كلمة أخرى”. فركع البعير، فركبت عليه عائشة رضي الله عنها. فلما لحقوا بالجيش، ورأى بعض المنافقين ذلك، أطلقوا الشائعات. والباطل يعني الكذب، وقد اتهم في عرضه، واتهم هذا الصحابي، وانخدع بذلك بعض المؤمنين، فصاروا يتناقلونه على ألسنتهم دون أن يثبتوه. ولذلك يقول الله تعالى (( إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله كبير )) نور: 15)

فأدبهم الله وقال: «لولا أنكم قلتم إذ سمعتموه ما كان لنا أن نتكلم بهذا. سبحانك إن هذا بهتان عظيم» (النور: 16).

ثم كشف الله تعالى عن براءة عائشة رضي الله عنها مما اتهمت به، كما في سورة النور. ومن رماها بالزنا والعياذ بالله كما تقول بعض الفرق الضالة فهو كافر بالله عز وجل، كفر يخرجه عن الملة كما يقول علماء أهل السنة، لأنه تكذيب للقرآن وإهانة للدين. النبي صلى الله عليه وسلم. وعليه الصلاة والسلام.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم إذا أذنبت فاستغفروه. إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :

الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وأما ما يلي:

عباد الله، من الأمور التي أريد أن أنبه إليها أن نشر الأخبار ولو كانت صحيحة إذا كره قائلها فهذا غيبة، لأن بعض الناس يتكلمون في شرف الناس في المجالس ويقولون: “نحن متأكدون من هذا الخبر.” ولا شك أن هذه غيبة، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «ذكر أخاك بما يكره». فقيل: أرأيت إن كان لأخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته».

ومن أسباب ذلك أن الأحاديث كثيرة منتشرة بين الناس، لكنها ضعيفة وأغلبها موضوعة، وربما يعبد بعضهم الله بها! إنه عدم التحقق. بعض الناس تصلهم رسالة على هاتفهم المحمول مثلا: هذا دعاء عظيم. من قال كذا وكذا فله أجر كذا، وتجده ينشره بين الناس دون التحقق من الحديث. ويخشى عليه أن يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدا». فليتبوأ مقعده من النار).

ومن واجبنا عباد الله أن نتحقق مما ننشر، خاصة وأن الأخبار مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي تنتشر بسرعة كبيرة. وكما تقدم فإن من نشر الأخبار التي تصله من غير تحقق فهو أحد الكاذبين، وهو داخل في التهديد الشديد الذي بلغه النبي صلى الله عليه وسلم. وجاء في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: ورأى صلى الله عليه وسلم رؤيا، ورؤيا الأنبياء حق، وقد جاء فيها [قال: «فانطلقنا، فصادفنا رجلًا مستلقيًا على ظهره، وإذا بآخر قائم عليه بخطاف من حديد، وإذا بشخص قد جاء… غطى وجهه وأشار بخده إليه» ظهره، ومنخره إلى ظهره، وبصره إلى ظهره، قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به ما فعل بالجانب الأول. ولا يكمل هذا الجانب حتى يصبح هذا الجانب سليمًا كما كان. ثم يعود إليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى. قال: قلت: سبحان الله، ما هذين؟ قال: «قالوا لي: اذهب اذهب» قال ذلك الملكان اللذان عند النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في آخر الحديث. حسنًا، هذا هو الرجل الذي يخرج من منزله في الصباح ويكذب كذبة تصل إلى أبعد الحدود. .

ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يؤكد الأخبار وأن يتغمدنا بحفظه، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ………..

اترك تعليقاً